الأحد، 31 يناير 2010

الوطن تحاور أعضاء جمعية «ذروة النفط»الكويتية نضوب متسارع للموارد النفطية.. ودول العالم تسارع في البحث عن بدائل البترول





النفط هو أساس الصناعة والحياة، ولكن بسبب الأسعار المرتفعة والخوف من وصول هذا المصدر إلى الذروة في الإنتاج حسب آراء وتحليل الجيولوجيين، فقد اتجه العالم إلى وجود بدائل من خلال المعطيات التي لديهم مثل الرياح والنبات والشمس مع العلم أن تلك المصادر مكلفة لاسيما ان تلك المصادر لها جوانب سلبية وليس %100 ايجابية.

وذروة إنتاج البترول هي القيمة العظمى التي سيصل إليها إنتاج البترول العالمي، وبعد هذه النقطة الزمنية سيبدأ معدل الانتاج العالمي في الانخفاض. وهذا لا يعني البترول سوف ينفد فجأة، ولكن امدادات البترول الرخيصة التقليدية سوف تتراجع وستبدأ بعدها الأسعار في الارتفاع التدريجي المستمر، وهذا سوف يؤدي إلى تغييرات جسيمة في العالم من حولنا كما نعرفه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

وليس مستغربا أن يجتمع العلماء القائلون بهذا المذهب وأن يكونوا جمعية عالمية متخصصة بدراسة هذه الظاهرة مستخدمين كل ما عندهم من معرفة وتطبيقات علمية. فقد قام الدكتور كولن كامبل وهو جيولوجي مخضرم في جمعية دراسة ذروة النفط ولنجاح عمل الجمعية وقام العلماء بتأسيس فروع لها في عدة بلدان ومن آخر المؤسسين مجموعة علماء في الصين وقبل ذلك في ايطاليا والسويد وغيرها. ولعل الوقت حان لأن تتبنى جمعية المهندسين في الكويت تأسيس فرع الكويت، فالأمر عالمي ويمس الجميع.

وتتفق هذه الدراسات كلها في أن انتاج البترول العالمي ذروته لا محالة، هذه حقيقة علمية لا يمكن إنكارها، وأنه برغم تطور التكنولوجيا المتوقع في المستقبل فإننا لايمكننا أن نغير تلك الحقيقة، وان اختلفت تلك الدراسات في تحديد سنة الذروة وذلك لتباين آرائهم في تحديد حجم الاحتياطي العالمي من البترول فإن أبعد تلك التقديرات يضعها في نهاية العقد القادم وهذا يعتبر قريبا جدا ولا يعطي البشرية الوقت اللازم للتعامل مع هذا الخطر القادم.

واليوم «الوطن» تسلط الضوء بما يعرف عن ذروة النفط وتفاصيل ومفهوم الذروة النفطية من البداية إلى النهاية فقامت بإجراء لقاء مع أعضاء في جمعية دراسة ذروة النفط استعرض خلال اللقاء عضو مجموعة دراسة ذروة النفط المهندس أحمد الماجد تاريخ تنبؤ الجيولوجي النفطي كينج هوبرت في الخمسينيات أن ذروة الانتاج الأمريكي ستكون في 1970 وكان ذلك حسب نموذجه العلمي الجيولوجي.

وأشار الماجد إلى ان تنبؤات هوبرت كانت صحيحة حيث بدأ الإنتاج يتناقص في عام 1971 وما زال بتناقص، مبينا أن أمريكا كانت في السابق دولة مصدرة للنفط أصبحت من الدول المستوردة.

وزاد: ان ذروة النفط هي وصول المكمن النفطي لقمة انتاجه وانخفاض انتاجه بعد هذه النقطة.

وبين الماجد ان هوبرت تم محاربته في البداية ولكن بعد فترة أثبت أن ما تكلم عنه هوبرت كان صحيحا واصبحت الذروة حقيقة علمية وليست نظرية واصبح العديد من زملائه وتلاميذه مؤمنين بنظرية الذروة.

وذكر الماجد ان احد تلاميذ هوبرت الجيولوجي كولن كمبل الذي كان يعمل في شركات نفطية واكتشف مكامن في امريكا الجنوبية وكان من أهم أعماله التي قام بها هو تأسيس جمعية علمية في عام 2002 وتم تسميتها «جمعية دراسة ذروة النفط»، موضحا ان تم تأسيس هذه الجمعية قبل 6 سنوات تقريبا.

وأضاف: تم انتشار تلك الجمعية فأصبح لديها أفرع في العالم مثل الكويت وغيرها من الدول، مبينا ان تم تأسيسها في الكويت في عام 2008 أعضاؤها مجموعة من المهندسين المهتمين في هذا الموضوع منذ فترة طويلة بشكل علمي وهندسي.

وأكد الماجد ان الكويت تعتبر اول دولة عربية لها تمثيل في هذه المجموعة ولديهم اتصالات مع مجموعات عالمية.

وزاد: ان هوبرت كان دقيقا جدا في دراسته إلى المسح الجيولوجي لأمريكا انما لم تكن لديه الفكرة الكاملة عن العالم، لكن من جاؤوا من بعده كانوا أكثر دقة.

وقال الماجد ان خلال 4 السنوات الاخيرة لوحظ ان الإنتاج العالمي للنفط يراوح بحدود 85 مليون برميل يوميا، مبينا ان الزيادة على الطلب تعمل على قفز الأسعار التي تصبح غير اعتيادية.

وأكد الماجد ان الوقت الحالي أصبح الطلب أكثر من العرض لدرجة ان الإنتاج وصل إلى مرحلة الثبات وهذه الذروة وخطورتها على جميع نواحي الحياة.

? «الوطن»: هل لنا ان نقول ان طرق الاستكشاف لبعض الشركات النفطية وتعاملها مع المكامن النفطية الجديدة سبب لخسارة بعض من تلك الحقول لاستخراج النفط منه، فعلى سبيل المثال هناك شركات تقوم بتنقيب وضخ الماء أثناء الانتاج يجعل المكمن يفقد فاعليته؟.

- قال الماجد ان كلما تطور العلم والكفاءة اقتربنا من ذروة النفط وهذا لايعتبر الحل انما التسريع في الوصول إلى الحد الاقصى للإنتاج ويؤدي إلى وقف النمو العالمي.

من جانب آخر أكد الدكتور في جامعة الكويت خالد مهدي ان لديه حقائق ثابتة لا يختلف عليها اثنان اولا الزيادة الطردية في سكان العالم التي تنتج عنها زيادة الطلب على مصادر الطاقة ومنتجاتها، ثانيا الحقيقة العلمية الاخرى ان النفط او أي وقود احفوري يتم استخراجه وهو مورد طبيعي إذن فهو محدود.

واستغرب مهدي من بعض التحليلات التي تقول ان النفط مثل البكتريا يتكاثرفي حين تحليلات اخري تؤكد ان ثاني اكسد الكربون الذي يتواجد في الغلاف الجوي يدخل في باطن الارض لانه يتعرض لضغط وحرارة مع قليل من الهيدروجين في الاسفل ينتج الهيدروكربون وهذه العملية تحدث يوميا، مؤكد ان تلك النظريات مضروبة وغير صحيحة.

وأضاف: ان الامر الذي نحن متأكدون منه ان النفط كمورد طبيعي الموجود في الكرة الارضية محدود، مشيرا ان النفط بالنسبة للعالم كمخزون مثل الدم في الجسم اما الحقيقة الأخرى ان تكلفة الانتاج التي يتم استخراجه من النفط يتناسب تناسبا طرديا أي يزداد كلما انخفض الضغط في باطن الارض والتكلفة تزداد لأنه تصبح المكامن صعبة.

وبين مهدي أن المكامن اذا أصبحت صعبة وعمليات استخراج النفط تصبح اصعب وهذا يعتبر غير مجد اقتصاديا ولذلك نتائجه تؤدي إلى رفع الاسعار وهو أمر طبيعي لتغطية المنتجات وأما الأمر الآخر فأنه يتعلق بزيادة السكان

وزاد: ان جميع النفط يذهب في عمليات النقل كوقود والاخرى البتروكيماويات، كما ان هناك مؤثرات سياسية يمكن ان تؤثر على الأرقام الاحتياطية والكميات الموجودة.

? «الوطن» هل هناك طرق علمية تعطينا كميات البترول داخل الارض ؟

- قال مهدي نعم يوجد طرق علمية وايضا نقول لا يوجد انما هذا مبني على الاجتهادات وعلى مدى مصداقية التقنية التي يتم الحساب بها.

وذكر مهدي ان بعد دخولنا في العولمة بدأ الوضع يختلف ويتلاشى المفهوم الذي طرحه الدكتور محمد الرميحي في كتابه عن النفط والعلاقات السياسية في الكويت الذي اشار إلى الشفافية في البداية ولكن بدأت الامور تدخل في بعضها البعض، مبينا ان الحكومات تتدخل في الشركات ومعظم من يعملون بالحكومة سيعاودون العمل في الشركات.

واكد المهدي ان هناك مجموعة تسرب معلومات على الحقائق الأصلية المفروضة عليهم

مبينا ان لكل دولة في العالم يوجد لها فريق متخصص في متابعة ورصد المعلومات وجزء من عمله تحديث واقعية المعلومات فهناك أشخاص تعمل لمعرفة واقعية المعلومة وأخرى لرفع الأصول والأعمال المتعارف عليها.

وزاد: ان الدول المسيطرة في العالم على الثروات لديها ارقام حقيقية إلى اين اتجاه النفط سيصل ولهذا نشير ان الازمات التي تحدث لها سبب.

قال مهدي ان هناك معلومات حقيقية موجودة ولكن لايوجد لدينا مدخل على هذه المعلومات انما يوجد اشخاص تتلاعب بالأصول الاقتصادية في الشركات.

من جانب اخر قال المهندس محمد خليل الفيلكاوي ان النفط أهم سلعة في التاريخ وشريان الحياة ولكن هذه الثروة تستغل وتحرق 70 بالمائة منها في تشغيل معدات النقل السيارة والطائرة وغيرهما.

وأضاف: ان النفط يستغل في انتاج الطاقة الكهربائية التي يمكن ان تولد بطرق اخرى توفر على البشرية حرق الذهب الاسود القيم كيميائيا وايضا يعتبر المادة الخام لعديد من المنتجات الكيميائية والتي تقوم عليها حياتنا العصرية بشكل مباشر بما فيها الاسمدة ومبيدات الحشرات وكثير من المواد البلاستيكية والرقائق والانابيب والاقمشة والنايلون والحرير الاصطناعي والجلود الاصطناعية وغيرها من المواد التي تشكل الاعتماد الرئيسي لنا.

من جانبه اكد عضو رابطة دراسات ذروة النفط المهندس أحمد التركيت ان العالم المتقدم يرصد المليارات لإيجاد بدائل للنفط والطاقة بينما تغط دولنا في سبات عميق، هذا الكم الهائل من الإنفاق العالمي لم يأت نتيجة الخوف من تحكم دول منابع النفط من تدفقه إليها أو غلاء أسعاره. بل هو من أجل تعزيز أمن الطاقة لمرحلة ما بعد النفط والتي قدرها العلماء أن تكون بعد 60 عاما.

وبين التركيت ان في الثالث من أغسطس من هذا العام، حذرت صحيفة الإندبندنت البريطانية بأن العالم يتجه الى كارثة اقتصادية نتيجة النضوب المتسارع للموارد النفطية وأن هذا النضوب سيتسبب بأزمة عالمية اقتصادية لا يحمد عقباها، مشيرا إلى ان في مقابلة مع اللإندبندنت، صرح د.بيرول، رئيس الوكالة الدولية للطاقة، أن الكثير من الحكومات والمؤسسات تبدو غافلة عن حقيقة أن النفط الذي تعتمد عليه الحضارة المدنية الحالية آخذ بالنضوب أسرع من المتوقع. وفي أول تقييم لأكثر من 800 بئر نفط في العالم يمثلون ثلاثة أرباع الاحتياط العالمي وجدت أن انتاجية أكبر الحقول العالمية بدأت بالتراجع بعد أن وصل الى قمة الإنتاج.

وأضاف بيرول، في يوم من الأيام سينتهي النفط، قد لا يكون اليوم أو غدا، سينتهي النفط ويغادرنا، فيتوجب علينا أن نغادره قبل أن يغادرنا وأن نستعد لمثل ذلك اليوم. وكلما بدأنا بشكل أسرع كان ذلك أفضل، لأن نظامنا الاقتصادي والاجتماعي قائم على النفط، ولإحداث النقلة النوعية في فك الارتباط عن النفط يتوجب علينا انفاق الوقت والأموال وأخذ الموضوع بجدية أكثر.

كل هذه المخاوف ترجمتها سياسات الدول العظمى إلى خطة عمل تتمثل في دعم صناعة التكنولوجيا اللا نفطية من صناعة السيارات الكهربائية والتي ستصبح في الخمس السنوات المقبلة واسعة الانتشار الى صناعات الوقود اللا نفطي والمستخرج من مصادر لا نفطية.

وقال التركيت يجب أن نعيه نحن كدولة وشعب ان لا نعتمد اعتمادا كليا على النفط وأن ندرك مدى الخطر الذي سيهدد أمننا الاجتماعي والاقتصادي اذا ما غادرنا النفط قبل أن نغادره.

اما المهندس عمار حسين العضو في جمعية ذروة النفط طالب وزراة التربية بالاهتمام بتثقيف الطلبة في المراحل الدراسية عن مفهوم النفط لانها الثروة الاساسية للبلد، مبينا ان قطاع التعليم يفتقد او بالاحرى شحيح بالثقافة النفطية.

وزاد: لابد من تثقيف الطلبة عن مصادر الطاقة وكيف يتم الحصول عليها وما هي المنتجات التي تنتج عنها، مبينا ان لابد من وجود مادة اساسية يتم تداولها في جميع الفصول الدراسية.

وعلق عمار حسين على أهمية البعثات المختصة بدراسة الطاقة البديلة التي نفقدها في بعثات وزارة التعليم العالي مؤكدا ان اكثر الدول المتقدمة والتي تملك نفس الثروة النفطية التي نملكها بدأت بإرسال بعثات في هذا التخصص.


10/11/2009