الأحد، 31 يناير 2010

الوطن تحاور أعضاء جمعية «ذروة النفط»الكويتية نضوب متسارع للموارد النفطية.. ودول العالم تسارع في البحث عن بدائل البترول





النفط هو أساس الصناعة والحياة، ولكن بسبب الأسعار المرتفعة والخوف من وصول هذا المصدر إلى الذروة في الإنتاج حسب آراء وتحليل الجيولوجيين، فقد اتجه العالم إلى وجود بدائل من خلال المعطيات التي لديهم مثل الرياح والنبات والشمس مع العلم أن تلك المصادر مكلفة لاسيما ان تلك المصادر لها جوانب سلبية وليس %100 ايجابية.

وذروة إنتاج البترول هي القيمة العظمى التي سيصل إليها إنتاج البترول العالمي، وبعد هذه النقطة الزمنية سيبدأ معدل الانتاج العالمي في الانخفاض. وهذا لا يعني البترول سوف ينفد فجأة، ولكن امدادات البترول الرخيصة التقليدية سوف تتراجع وستبدأ بعدها الأسعار في الارتفاع التدريجي المستمر، وهذا سوف يؤدي إلى تغييرات جسيمة في العالم من حولنا كما نعرفه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

وليس مستغربا أن يجتمع العلماء القائلون بهذا المذهب وأن يكونوا جمعية عالمية متخصصة بدراسة هذه الظاهرة مستخدمين كل ما عندهم من معرفة وتطبيقات علمية. فقد قام الدكتور كولن كامبل وهو جيولوجي مخضرم في جمعية دراسة ذروة النفط ولنجاح عمل الجمعية وقام العلماء بتأسيس فروع لها في عدة بلدان ومن آخر المؤسسين مجموعة علماء في الصين وقبل ذلك في ايطاليا والسويد وغيرها. ولعل الوقت حان لأن تتبنى جمعية المهندسين في الكويت تأسيس فرع الكويت، فالأمر عالمي ويمس الجميع.

وتتفق هذه الدراسات كلها في أن انتاج البترول العالمي ذروته لا محالة، هذه حقيقة علمية لا يمكن إنكارها، وأنه برغم تطور التكنولوجيا المتوقع في المستقبل فإننا لايمكننا أن نغير تلك الحقيقة، وان اختلفت تلك الدراسات في تحديد سنة الذروة وذلك لتباين آرائهم في تحديد حجم الاحتياطي العالمي من البترول فإن أبعد تلك التقديرات يضعها في نهاية العقد القادم وهذا يعتبر قريبا جدا ولا يعطي البشرية الوقت اللازم للتعامل مع هذا الخطر القادم.

واليوم «الوطن» تسلط الضوء بما يعرف عن ذروة النفط وتفاصيل ومفهوم الذروة النفطية من البداية إلى النهاية فقامت بإجراء لقاء مع أعضاء في جمعية دراسة ذروة النفط استعرض خلال اللقاء عضو مجموعة دراسة ذروة النفط المهندس أحمد الماجد تاريخ تنبؤ الجيولوجي النفطي كينج هوبرت في الخمسينيات أن ذروة الانتاج الأمريكي ستكون في 1970 وكان ذلك حسب نموذجه العلمي الجيولوجي.

وأشار الماجد إلى ان تنبؤات هوبرت كانت صحيحة حيث بدأ الإنتاج يتناقص في عام 1971 وما زال بتناقص، مبينا أن أمريكا كانت في السابق دولة مصدرة للنفط أصبحت من الدول المستوردة.

وزاد: ان ذروة النفط هي وصول المكمن النفطي لقمة انتاجه وانخفاض انتاجه بعد هذه النقطة.

وبين الماجد ان هوبرت تم محاربته في البداية ولكن بعد فترة أثبت أن ما تكلم عنه هوبرت كان صحيحا واصبحت الذروة حقيقة علمية وليست نظرية واصبح العديد من زملائه وتلاميذه مؤمنين بنظرية الذروة.

وذكر الماجد ان احد تلاميذ هوبرت الجيولوجي كولن كمبل الذي كان يعمل في شركات نفطية واكتشف مكامن في امريكا الجنوبية وكان من أهم أعماله التي قام بها هو تأسيس جمعية علمية في عام 2002 وتم تسميتها «جمعية دراسة ذروة النفط»، موضحا ان تم تأسيس هذه الجمعية قبل 6 سنوات تقريبا.

وأضاف: تم انتشار تلك الجمعية فأصبح لديها أفرع في العالم مثل الكويت وغيرها من الدول، مبينا ان تم تأسيسها في الكويت في عام 2008 أعضاؤها مجموعة من المهندسين المهتمين في هذا الموضوع منذ فترة طويلة بشكل علمي وهندسي.

وأكد الماجد ان الكويت تعتبر اول دولة عربية لها تمثيل في هذه المجموعة ولديهم اتصالات مع مجموعات عالمية.

وزاد: ان هوبرت كان دقيقا جدا في دراسته إلى المسح الجيولوجي لأمريكا انما لم تكن لديه الفكرة الكاملة عن العالم، لكن من جاؤوا من بعده كانوا أكثر دقة.

وقال الماجد ان خلال 4 السنوات الاخيرة لوحظ ان الإنتاج العالمي للنفط يراوح بحدود 85 مليون برميل يوميا، مبينا ان الزيادة على الطلب تعمل على قفز الأسعار التي تصبح غير اعتيادية.

وأكد الماجد ان الوقت الحالي أصبح الطلب أكثر من العرض لدرجة ان الإنتاج وصل إلى مرحلة الثبات وهذه الذروة وخطورتها على جميع نواحي الحياة.

? «الوطن»: هل لنا ان نقول ان طرق الاستكشاف لبعض الشركات النفطية وتعاملها مع المكامن النفطية الجديدة سبب لخسارة بعض من تلك الحقول لاستخراج النفط منه، فعلى سبيل المثال هناك شركات تقوم بتنقيب وضخ الماء أثناء الانتاج يجعل المكمن يفقد فاعليته؟.

- قال الماجد ان كلما تطور العلم والكفاءة اقتربنا من ذروة النفط وهذا لايعتبر الحل انما التسريع في الوصول إلى الحد الاقصى للإنتاج ويؤدي إلى وقف النمو العالمي.

من جانب آخر أكد الدكتور في جامعة الكويت خالد مهدي ان لديه حقائق ثابتة لا يختلف عليها اثنان اولا الزيادة الطردية في سكان العالم التي تنتج عنها زيادة الطلب على مصادر الطاقة ومنتجاتها، ثانيا الحقيقة العلمية الاخرى ان النفط او أي وقود احفوري يتم استخراجه وهو مورد طبيعي إذن فهو محدود.

واستغرب مهدي من بعض التحليلات التي تقول ان النفط مثل البكتريا يتكاثرفي حين تحليلات اخري تؤكد ان ثاني اكسد الكربون الذي يتواجد في الغلاف الجوي يدخل في باطن الارض لانه يتعرض لضغط وحرارة مع قليل من الهيدروجين في الاسفل ينتج الهيدروكربون وهذه العملية تحدث يوميا، مؤكد ان تلك النظريات مضروبة وغير صحيحة.

وأضاف: ان الامر الذي نحن متأكدون منه ان النفط كمورد طبيعي الموجود في الكرة الارضية محدود، مشيرا ان النفط بالنسبة للعالم كمخزون مثل الدم في الجسم اما الحقيقة الأخرى ان تكلفة الانتاج التي يتم استخراجه من النفط يتناسب تناسبا طرديا أي يزداد كلما انخفض الضغط في باطن الارض والتكلفة تزداد لأنه تصبح المكامن صعبة.

وبين مهدي أن المكامن اذا أصبحت صعبة وعمليات استخراج النفط تصبح اصعب وهذا يعتبر غير مجد اقتصاديا ولذلك نتائجه تؤدي إلى رفع الاسعار وهو أمر طبيعي لتغطية المنتجات وأما الأمر الآخر فأنه يتعلق بزيادة السكان

وزاد: ان جميع النفط يذهب في عمليات النقل كوقود والاخرى البتروكيماويات، كما ان هناك مؤثرات سياسية يمكن ان تؤثر على الأرقام الاحتياطية والكميات الموجودة.

? «الوطن» هل هناك طرق علمية تعطينا كميات البترول داخل الارض ؟

- قال مهدي نعم يوجد طرق علمية وايضا نقول لا يوجد انما هذا مبني على الاجتهادات وعلى مدى مصداقية التقنية التي يتم الحساب بها.

وذكر مهدي ان بعد دخولنا في العولمة بدأ الوضع يختلف ويتلاشى المفهوم الذي طرحه الدكتور محمد الرميحي في كتابه عن النفط والعلاقات السياسية في الكويت الذي اشار إلى الشفافية في البداية ولكن بدأت الامور تدخل في بعضها البعض، مبينا ان الحكومات تتدخل في الشركات ومعظم من يعملون بالحكومة سيعاودون العمل في الشركات.

واكد المهدي ان هناك مجموعة تسرب معلومات على الحقائق الأصلية المفروضة عليهم

مبينا ان لكل دولة في العالم يوجد لها فريق متخصص في متابعة ورصد المعلومات وجزء من عمله تحديث واقعية المعلومات فهناك أشخاص تعمل لمعرفة واقعية المعلومة وأخرى لرفع الأصول والأعمال المتعارف عليها.

وزاد: ان الدول المسيطرة في العالم على الثروات لديها ارقام حقيقية إلى اين اتجاه النفط سيصل ولهذا نشير ان الازمات التي تحدث لها سبب.

قال مهدي ان هناك معلومات حقيقية موجودة ولكن لايوجد لدينا مدخل على هذه المعلومات انما يوجد اشخاص تتلاعب بالأصول الاقتصادية في الشركات.

من جانب اخر قال المهندس محمد خليل الفيلكاوي ان النفط أهم سلعة في التاريخ وشريان الحياة ولكن هذه الثروة تستغل وتحرق 70 بالمائة منها في تشغيل معدات النقل السيارة والطائرة وغيرهما.

وأضاف: ان النفط يستغل في انتاج الطاقة الكهربائية التي يمكن ان تولد بطرق اخرى توفر على البشرية حرق الذهب الاسود القيم كيميائيا وايضا يعتبر المادة الخام لعديد من المنتجات الكيميائية والتي تقوم عليها حياتنا العصرية بشكل مباشر بما فيها الاسمدة ومبيدات الحشرات وكثير من المواد البلاستيكية والرقائق والانابيب والاقمشة والنايلون والحرير الاصطناعي والجلود الاصطناعية وغيرها من المواد التي تشكل الاعتماد الرئيسي لنا.

من جانبه اكد عضو رابطة دراسات ذروة النفط المهندس أحمد التركيت ان العالم المتقدم يرصد المليارات لإيجاد بدائل للنفط والطاقة بينما تغط دولنا في سبات عميق، هذا الكم الهائل من الإنفاق العالمي لم يأت نتيجة الخوف من تحكم دول منابع النفط من تدفقه إليها أو غلاء أسعاره. بل هو من أجل تعزيز أمن الطاقة لمرحلة ما بعد النفط والتي قدرها العلماء أن تكون بعد 60 عاما.

وبين التركيت ان في الثالث من أغسطس من هذا العام، حذرت صحيفة الإندبندنت البريطانية بأن العالم يتجه الى كارثة اقتصادية نتيجة النضوب المتسارع للموارد النفطية وأن هذا النضوب سيتسبب بأزمة عالمية اقتصادية لا يحمد عقباها، مشيرا إلى ان في مقابلة مع اللإندبندنت، صرح د.بيرول، رئيس الوكالة الدولية للطاقة، أن الكثير من الحكومات والمؤسسات تبدو غافلة عن حقيقة أن النفط الذي تعتمد عليه الحضارة المدنية الحالية آخذ بالنضوب أسرع من المتوقع. وفي أول تقييم لأكثر من 800 بئر نفط في العالم يمثلون ثلاثة أرباع الاحتياط العالمي وجدت أن انتاجية أكبر الحقول العالمية بدأت بالتراجع بعد أن وصل الى قمة الإنتاج.

وأضاف بيرول، في يوم من الأيام سينتهي النفط، قد لا يكون اليوم أو غدا، سينتهي النفط ويغادرنا، فيتوجب علينا أن نغادره قبل أن يغادرنا وأن نستعد لمثل ذلك اليوم. وكلما بدأنا بشكل أسرع كان ذلك أفضل، لأن نظامنا الاقتصادي والاجتماعي قائم على النفط، ولإحداث النقلة النوعية في فك الارتباط عن النفط يتوجب علينا انفاق الوقت والأموال وأخذ الموضوع بجدية أكثر.

كل هذه المخاوف ترجمتها سياسات الدول العظمى إلى خطة عمل تتمثل في دعم صناعة التكنولوجيا اللا نفطية من صناعة السيارات الكهربائية والتي ستصبح في الخمس السنوات المقبلة واسعة الانتشار الى صناعات الوقود اللا نفطي والمستخرج من مصادر لا نفطية.

وقال التركيت يجب أن نعيه نحن كدولة وشعب ان لا نعتمد اعتمادا كليا على النفط وأن ندرك مدى الخطر الذي سيهدد أمننا الاجتماعي والاقتصادي اذا ما غادرنا النفط قبل أن نغادره.

اما المهندس عمار حسين العضو في جمعية ذروة النفط طالب وزراة التربية بالاهتمام بتثقيف الطلبة في المراحل الدراسية عن مفهوم النفط لانها الثروة الاساسية للبلد، مبينا ان قطاع التعليم يفتقد او بالاحرى شحيح بالثقافة النفطية.

وزاد: لابد من تثقيف الطلبة عن مصادر الطاقة وكيف يتم الحصول عليها وما هي المنتجات التي تنتج عنها، مبينا ان لابد من وجود مادة اساسية يتم تداولها في جميع الفصول الدراسية.

وعلق عمار حسين على أهمية البعثات المختصة بدراسة الطاقة البديلة التي نفقدها في بعثات وزارة التعليم العالي مؤكدا ان اكثر الدول المتقدمة والتي تملك نفس الثروة النفطية التي نملكها بدأت بإرسال بعثات في هذا التخصص.


10/11/2009

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009



لقاء صحفى مع ماثيو سيمنز
على ضوء المؤتمر الثامن لجمعية دراسة ذروة النفط و الغاز (ASPO-8)
دنفر- الولايات المتحدة - 2009
أجرى اللقاء : المهندس أحمد الماجد
ماجستير ادارة أعمال
أجرى هذا اللقاء على ضوء المؤتمر الثامن لذروة النفط الذي أقيم في دنفر مؤخرا في الولايات المتحدة و كان من أبرز المتحدثين فيه السيد ماثيو سيمز صاحب بنك الاستثمار النفطي المشهور بنك سيمنز و قد حاز موضوع تأمين الطاقة و النفط على اهتمام السيد سيمز الى درجة انه ألف كتابا نشر في 2005 بعنوان الغروب في الصحراء و صار الكتاب من أهم و أشهر الكتب في الموضوع .

س : هل ذروة النفط أمر ذو تبعات قائمة لا محالة فلا يسعنا إلا أن ننتظر و نرى ما سيحدث أم أن بإمكاننا أن نخفف من وطئتها اذا تحركنا مبكرا ؟

ج : عندما يكون واضحا أن تدفق الإنتاج النفطي قد وصل إلى ذروته فإن السؤال الكبير سيكون ما هي سرعة الانحدار في الإنتاج . هناك بالفعل أشياء باستطاعتنا جميعا أن نفعلها لتخفيف أثر الذروة و أيضا أشياء باستطاعتنا فعلها من أجل صنع وقود بديل لوسائل النقل و المواصلات لكن هذا يتطلب جهود تحول ضخمة و أيضا تغيير طريقة التفكير في كيفية استخدام النفط . ثم أن هذا يتطلب استثمارات كبيرة في الطاقة البديلة و البدائل بشكل عام .
و إلى أن يكون لدينا بالفعل بيانات أصيلة حقيقية لتدفقات النفط في مكامن النفط الضخمة على مستوى العالم أوعلى الأقل المائة الأكبر منها فسيضل هناك أناس يبدون شئ من النقاش في ما اذا كنا تجاوزنا الذروة بالانتاج بدون ريب او شك وفيما اذا كانت ذروة النفط حقيقية . من المهم أن يعي الناس هذه الحقيقة حتى نستطيع أن نتجنب الهلع و الحرب و نستطيع الاستعداد المبكر للانتقال الى عالم ما بعد الوقود الاحفوري بسلاسة.
س : سألت في المؤتمر إذا كانت الأمور قد تحسنت أو صارت أسوأ منذ إن صدر كتابك في 2005 و كانت إجابتك أن الأمور قد صارت أسوء في الحقيقة ، فلماذا كانت هذه الإجابة؟
ج : فعلا الأمور صارت أسوأ منذ وقت نشر الكتاب في 2005 ، بدءا بتسارع انخفاض الانتاج في حقول الشمال في بريطانيا و بانهيار الانتاج في حقل كانتاريل العملاق في المكسيك ثم انه لا يوجد اي اكتشافات جديدة ذات أهمية تذكر بحيث يعوض الخسارات الكبيرة في الحقول الرئيسية في العالم خلال السنوات القادمة.
س: في مقدمة كتابك ذكرت انك زرت الكويت في 2003 و التقيت بقادة القطاع النفطي و طرحت عليهم هذا الموضوع. هل تعتقد أنهم سيغيرون من استراتيجيات القطاع النفطي فيما يتناسب مع ظاهرة ذروة النفط و تخفيف آثارها مثلا ؟
نعم لقد زرت الكويت في 2003 مع صديق لي ( هيرمان فرانسن ) و قد نسق لي إلقاء محاضرة عن الموضوع في مجلس مؤسسة البترول الكويتي و عندما انتهيت سألني رجل أنيق من الحاضرين سؤالا مثيرا : ( سيد سيمنز لم تخبرنا كيف سينتهي الأمر ، نتمنى ان يكون على خير و سلميا ) فأخبرته لا ادري في الحقيقة ماذا سيحصل على وجه التحديد لكن النظرية القائلة ان انتاج النفط من السعودية مثلا سيرتقع الى الابد و يصعد من 12 الى 25 مليون برميل هي نظرية خاطئة غير صحيحة على الاطلاق. ثم بعد ذلك اخبرني آخر من الحاضرين لعله رئيس مجلس الإدارة أنه ربما على الكويت أن تفكر باتجاه الترشيد في إنتاجها تحسبا للمستقبل نحن لا نحتاج الى انتاج 4 ملايين برميل يوميا . و في الحقيقة لا أدري إذا كانوا فعلا اتخذوا خططا إستراتيجية في سياق هذا الموضوع.
سوف لن يكتشف أي حقل عملاق جديد في الخليج كل الحقول العملاقة قد اكتشفت.
و بالمناسبة عملت نفس هذه المحاضرة أيضا في قطر في نفس الاسبوع و نتاقشت مع احد الحاضرين أيضا عن المشاكل التي يسببها ماء البحر في التآكل لمعدات الانتاج.
س: هل ساعدت هذه المقابلات في معرفة كيفية الكتابة في كتابك الغروب في الصحراء ؟
ج : نعم في الحقيقة سهلت على ما هو مقدار المعرفة لدي القراء المتوقعين . و حفزني الى قراءة الاوراق العلمية عن المكامن العملاقة التي أصبحت عجوزة الآن . و في الحقيقة بعد نشر الكتاب جاءتني عدة اتصالات من مهندسين متقاعدين من مختلف البلدان من الذين كانوا يعملون في الخليج يخبرونني عن سعادتهم بالكتاب و ان المعلومات التي كتبت فيه عبارة عن تحفة فنية و هذا أراحني في الحقيقة حيث انني لم اكن مهندسا بتروليا لكن يبدوا انني استطعت فهم ما في هذه الاوراق ووصفها بشكل كتاب على نحو راق للمهندسين الذي تعايشوا مع هذه الحقول.

س : هل لديك أي معلومات عن مكامن الكويت في سياق بحثك التفصيلي من أجل كتابك ؟ و هل عندك ما تقوله بالنسبة للكوبت ؟
ج: قرأت الكثير من الأوراق العلمية عن مكامن المنطقة و كلها طرحت في جمعية مهندسي البترول SPE و من ضمن ما قرأت 10 ورقات علمية عن الكويت . و لا يختلف الوضع كثيرا عن الوضع الذي ذكرته عن الخليج العربي بشكل عام في الكتاب . هناك مكامن عملاقة قد بولغ في الإنتاج منها . ثم لا احد يدرى كم كان تأثير حرائق 1990 على المكامن و ضغطها . و في أماكن أخرى في الخليج العربي يضخون كميات هائلة من الماء المالح من البحر لتوليد الضغط الكافي للإنتاج و المحافظة على مستوى الإنتاج و في بعض المكامن في الخليج بلغت المسافة بين قبة الغاز و مستوى الماء تحت طبقة النفط قليلة جدا مقارنة بما كانت عليه في الماضي مما يعني ان طبقة النفط أصبحت رقيقة.
لا بد من تدفق سهل للنفط من المكمن من اجل استخدامه في المصافي و بيعه على العالم لكن مع الوقت في العالم نستهلك النفوط الخفيفة و يبقي النفوط الثقيلة الصعبة و المكامن التي تحتاج الي ضغط صناعي مثل ضخ الماء من البحر و أيضا ثاني اكسيد الكربون و غيرها .

س: بالنسبة لبلدان الخليج العربي كونها تفتقر الى الموارد الطبيعية الأخرى كالماء و المساحات الزراعية الطبيعية ، ماذا برأيك يجب أن يكون ترتيب الأولويات فيما يتعلق بسياق ظاهرة ذروة النفط؟

ج: الماء سوف يكون ذو الأهمية الأولي في الندرة ليس فقط في الشرق الأوسط بل في اماكن اخرى عديدة من العالم . ولا نوجه المزيد من الانتباه الى كمية الماء التي تستخدم في الصناعات البترولية سواء في المصافي والآبار او محطات الطاقة او غيرها و لعلنا يجب ان نفكر في الاقتصاد و الترشيد بالماء ليس فقط الترشيد في النفط و الطاقة.
س : هل تعتقد أن دول الخليج العربي عندها الخيار للاختيار الاستراتيجي لترشيد الإنتاج النفطي أم أن هناك معضلة بين الحاجة إلى الترشيد و المسؤولية تجاه تزويد العالم بالطاقة؟
ج: في الحقيقة هناك من الناس في الغرب من يقول لماذا ندفع اموالا مقابل نفط العرب فيستغلها بعد الارهابيون و انه لابد من الاعتماد على طاقة اخرى . و هناك من يقول ان دول الخليج تتعمد ان تسيطر على معدلات الانتاج و يؤثرون على اقتصاد العالم و هكذا .
لذا فانني انصح مقابل هذا انه لابد ان يكون الخليج شفاف أكثر من ناحية بيانات المكامن النفطية و ان تكشف للعالم اجمع بكل دقة حتى يعرف الناس في العالم مدي ما يحتاجونه من استعداد ثم ان دول الخليج من جهة اخرى تعاني من انفجار سكاني متسارع يدعوها إلي استخدام المزيد من النفط لاستهلاكها المحلي و خاصة في السعودية .
و تجربة حقول الشمال في بريطانيا و تجربة حقول المكسيك و غيرها سوف تتكرر في الخليج العربي إلا أن الفرق الوحيد هو عدم الشفافية لكن المتابعين للأوراق العلمية يعرفون حجم المشكلة الى حد ما فمثلا أشك في ان أحد الحقول في المنطقة أن قبته الغازية قد انهارت حيث لا يكتب عنه شئ منذ فترة. الشفافية مهمة جدا و مطلوبة و بدون الشفافية قد تسبب مشاكل خارجية و داخلية باختصار. لا نريد ان نخدع العالم بأننا سنزوده بالطاقة إلي الأبد .
س: أنت لست جيولوجيا نفطيا لكنك قرأت الكثير من الأوراق العلمية في الموضوع فما هو رأيك تجاه بعض الأقاويل التي تطرح من قبل الناس العاديين في مجالسهم من أن الكويت لديها محيط من النفط تحت طبقات الأرض العميقة أو أن النفط ينساب طبيعيا تحت طبقات الأرض من الدول المجاورة و يستقر تحت أرض الكويت؟
ج: في الحقيق لم أحاول أن أكون خبيرا في حقل برقان بالدرجة الأولى لكن من المرجح وجود الكثير من الطبقات الرقيقة النفطية تحت المكمن الرئيسي و هذا يماثل المكامن السعودية إلا أنها لا ترقى إلى أن تكون بديلا حقيقيا للمكمن الرئيسي الذي يتدفق البئر منه بمعدل 40000 برميل يوميا بدون اي تأثير خارجي ، حيث أن الطبقات الصغيرة هذه تحتاج الى ضخ كميات كبيرة من ماء البحر من اجل إنتاجها.
ان أيام الانتاج السهل قد ولت و انتهت . و بالنسبة الى مسألة تدفق النفط و ترحاله تحت باطن الأرض فهو قد يحدث من خلال شقوق تحت أرضية و لكم ببطء شديد و لا أدري اذا كان يحدث في الكويت.
س: في مقالة قديمة نشرت في السبعينيات ،عثرت عليه مؤخرا ، فإنه كانت عناك فكرة مطروحة لجلب الماء من المياه النهرية في العراق من خلال تدفق بالجاذبية الأرضية هل برأيك أن هذه فكرة جيدة؟
ج: ان من مشاكل العراق الآن هو انخفاض المنسوب في الأنهر الرئيسية بسبب كثرة الاستهلاك في الشمال من قبل الاكراد و ربما الأتراك ، و هذا من شأنه استحالة ضخ الماء الى الكويت . أن على الكويت ان تفكر في أمنها المائي من الخليج العربي . و لعل هذا أيضا يؤثر على الآبار التي بحاجة الى ضخ الماء و إصلاحها.
س: لماذا الوكالات الكبيرة مثل الوكالة الدولية للطاقة و الجمعية الجيولوجية الأمريكية و كذلك الشركات النفطية العملاقة لا يكونون أكثر شفافية في الموضوع؟ يبدوا لي أنهم فقط يلمحون تلميحات بعيدة .
ج : هناك في الحقيق ضمن المسئولين في الوكالة الدولية للطاقة من هم مقتنعون تماما بحقيقة ذروة النفط . منهم مثلا ( فيث بيرول) و يدعمه بقوة السيد ( تانكا ) لكنهم يواجهون تحديا في اقناع الآخرين .انهم لا يريدون ان يظهروا فقط بمظهر الذي يتنبأ بمصائب و شرور ، و بالنسبة للشركات الكبيرة العالمية فإن أكثرهم مقتنع بأن عندهم مصادر تكفي لمائة عام لكن هذا فقط تمنى لا يدعمه أي بيانات علمية.

س: انا لاحظت ان بعض الشركات بدأت تضع اعلانات تبين كيف انها تدعم الطاقة البديلة مثل برتش بيتروليوم التي اصبحت تتكلم عن مفهوم ما بعد النفط و مثل شيفرون و شل أيضا ؟

ج : اتمنى ان يكون هذا حقيقة و ليس فقط من أجل العلاقات العامة كما يبدو لي .

س: ماذا تعني بالمصطلح الذي ذكرته في المؤتمر أثناء عرضك حيث قلت أن السر كله في التفاصيل ؟

ج : نعم ، فلو أنني لم أقرأ أكثر من مائتي ورقة علمية عن مكامن الخليج العربي نشرها مهندسون من أرامكو و غيرها في جمعية مهندسي النفطSPE لما عرفت هذه الحقائق التي نشرتها في كتابي و لما تعلمت لغة النفط الخاصة التي يستخدمها مهندسو المكامن النفطية في وصف المشاكل التي كانوا يعانون منها و يحاولون التغلب عليها. و لما كنت أجرؤ أصلا على أن أدحض النظرية القائلة أن النفط الرخيص سيضل موفرا بكثرة إلى الأبد من منطقة الخليج .
و كنت قد التقيت بالمهندس ( سداد الحسيني ) بعد ان أصدرت كتابي و هنأني و شكرني عليه و اصبحنا اصدقاء بعد ذلك و هو مهندس متقاعد من أرامكو و علي فكرة في احد المرات أخبرتني سكرتيرة مكتبي (جودي) في هيوستن ان مهندسا سعوديا جاء و معه ثماني نسخ من كتابك يريد أن يحصل على توقيعك عليها لصالحه و لصالح أصدقاءه المهندسين السعوديين و كان هذا شيئا عجيبا ذلك اليوم جعل سكرتيرتي تضحك.


س: لقد شاركت في عدة مؤتمرات تنظمها جمعية دراسة ذروة النفط ASPO هل باعتقادك ان نموذج الذروة الذي يعلن في كل مؤتمر يصبح أكثر و أكثر دقة ؟ ربما مع توافر بيانات أكثر؟
ج: باعتقادي أن ما تقوم به جمعية دراسة ذروة النفط لنشر المعلومات عن هذا الموضوع المهم و تشجيع الناس العامة على تحري المعلومات و الاستعداد لما سيأتي لهو من اهم ما سيذكره التاريخ لهم في السنوات القادمة.
س: ما ذا تعتقد بشأن حقل كانتاريل العملاق في المكسيك ؟ هل بالفعل هو ينحدر بالإنتاج بهذا الشكل المخيف كما رأينا في المؤتمر أم ان المكسيك تعمل على ترشيد إنتاجها؟ و لما ذا ذكرت عن حقل ( كاشاجان ) تعبير انجليزي هو Cash is gone أي أن الكاش ذهب ؟

ج: أنا اعرف الوضع المكسيكي جيدا حيث ان رئيس مجلس ادارة شركة بترول المكسيك هو المتقاعد مؤخرا صديق قرب مني و في الحقيقة ان حقل كانتاريل قد أسيء الإنتاج منه أي انهم انتجوا منه بكثرة في وقت قصير جدا و هذا من شأنه أن يؤثر على كفائة النتاج لاحقا . و الحقل الآن وصل ذروته في 2005 و الآن هو في تدهور مستمر و سوف يماثله قريبا حقل كيه أم زي و حقل شنتيكوبيك و سوف تصبح المكسيك قريبا دولة لا تقدر على تصدير النفط . و على دول الخليج العربي ان تتعلم من هذا الدرس و لا تفرط في إساءة الانتاج من حقولها و إلا سوف تصبح تجربتها مماثلة! و لو أن شركة برتش بتروليوم فعلت نفس الشئ مثلا لحقل الرميلة فسوف يصعد إنتاجه سريعا ثم ينهار.
و بالنسبة للحقل كاشاجان فبالفعل ما كان مأمولا منه من قبل المستثمرين سوف لن يتحقق حيث إنهم صرفوا بلايين لكن الحقل ربما سينتج مليون برميل في 2025 .

س: ما رأيك بأهمية الاكتشافات الجديدة التي أعلن عنها مؤخرا في البرازيل مثلا, و تكلم عنها احد المهندسين البرازيليين في المؤتمر ؟
ج: الثقافة السائدة في شركات النفط عندما يمولون مشروعا فإن المهندسين البتروليين لا يعرضون سيناريو متحفظ على مجلس الادارة بل يعرضون الأكثر وعدا من اجل تمويل المشروع مستخدمين برامج كمبيوتر و ليسوا معتمدين على وسائل دقيقة كفحص التدفق و كفحص القلب الجيولوجي. و في احسن الاحوال ربما تنتج آبار البرازيل في المحيط العميق قرابة الستة ملايين برميل يوميا و هي لا شي مقارنة بخمسة و ثمانين مليون برميل يحتاجها العالم الآن يوميا.

س: هل ستكون مهتما للقدوم الى الكويت للمشاركة في ندوة ربما تكون من تنظيم مجموعة دراسات ذروة النفط – فرع الكويت ، في هذا الموضوع ؟، لسوف يشرفنا قدومك .
ج: يشرفني الحضور و التحدث إليكم في الكويت و بالمناسبة أنا قادم إلى دبي في فبراير للتحدث في مؤتمر عن إدارة المخاطر.
س: شكرا لك سيد سيمينز ، هل تود إضافة شئ آخر ؟
ج : على الناس أن تكون متفائلة و لكن أن تعمل في نفس الوقت على تقليل التبعات نحن مثلا نعمل على مشروع حاليا لاستخدام طاقة الرياح من تيارات الرياح البحرية لإنتاج الطاقة و إنتاج الهيدروجين من البحر و ربما أيضا استخدمنا الامونيا السائلة كوقود . لعل هذا بديل مناسب للطاقة النووية حيث أن اليورانيوم ليس متوفرا كما يعتقد الكثير من الناس و لهذا فإن الدول ستحتاج إلى وقود من درجة الوقود الذي يستخدم في الأسلحة النووية لتشغيل محطاتها النووية بسبب قلة اليورانيوم و هذه هي المشكلة .
و كذلك هناك من يعمل بتكنلوجيا النانو و تكنلوجيا احضار الطاقة من الفضاء عن طريق اقمار صناعية خاصة ,... كلها محاولات تحتاج الى دعم و عمل و نرجوا ان يكون انتقالنا إلى المرحلة القادمة سلسا بدون مشاكل .


وقبل ان اخرج بانتظار صديقي القادم بسيارته الذي تأخر خمس دقائق ابدى لي السيد سيمنز هواية العزف على آله تشبه البيانو و قد عزف لي مقطوعة جميلة كفنان محترف كانت خاتمة سعيدة لأمسية نفطية... الى ان حضر صديقي ليقلني الى الفندق.

الأحد، 15 نوفمبر 2009

المؤتمر الثامن لجمعية دراسة ذروة النفط و الغاز (ASPO-8)



- و يا له من مؤتمر -
دنفر- الولايات المتحدة - 2009

جمعية دراسة ذروة النفط و الغاز العالمية هي جمعية علمية غير ربحية تشكلت نواتها الأولى من بضع علماء من مختلف دول العالم في عام 2002 و في نفس هذا العام عقدوا أول مؤتمر لهم في السويد في مدينة ( أبسلا ) الجامعية . كان رغم برودة الجو في السويد مؤتمرا ساخنا حضى باهتمام واسع من قبل الأعلام. و منذ ذلك الحين أصبح للجمعية فروعا في العديد من دول العالم منها الفرع الكويتي الذي تشكل في 2008 . و في دنفر الولايات المتحدة الأمريكية عقد المؤتمر الثامن للجمعية بحضور متميز من أقطاب الجمعية و من علماء و مفكرين في هذا المجال من مختلف دول العالم عدا الدول العربية التي مثلها فقط فرع الكويت.
تكلم في الافتتاحية رئيس الجمعية و احد مؤسسيها الدكتور شل الكاليت من السويد و رجع بشغف الى ايام التشكيل الأولي و كيف إن الجمعية توسعت إلى فروع عديدة في العالم و قد وضح على الخريطة كيف انه اصبح هناك فرع في الكويت مؤخرا. كما تكلم من ناحية علمية معرفا ذروة البترول على أنها وصول الأنتاج النفطي العالمي الى أعلى مستوي له يبدأ بعدها بالانخفاض بنسبة تتراوح بين 4 و 6 % سنويا و كيف أن الجمعية أصبحت رسالتها توعية المجتمعات إلى أهمية الاستعداد لهذه الظاهرة و كذلك استخدام النماذج العلمية الهندسية في حساب و تقدير موعد الذروة لما لها من أهمية. و الغريب في هذا الأمر أن الجمعية بدأت في 2002 حساب نموذجي لعام الذروة على أنه 2010 و لكن عند تحديث الحسابات في كل سنة أصبحت سنة الذروة المعلنة في المؤتمر هي عام 2008 و بالتحديد في شهر يوليو. من الناحية الأقتصادية فإن لهذا الأمر تبعات كبيرة حيث إن الاقتصاد العالمي مبني بالأساس على النمو المستمر و بما أن النفط هو اساس الطاقة و اساس النمو فإن تعذر النمو بالإنتاج بعد عام الذروة يعني باختصار تعذر النمو الأقتصادي و انكسار الحلقة الاقتصادية كما بدا واضحا في الأزمة الأقتصادية 2008 . الكثير من المراقبين في سياق علوم ذروة النفط من المتحدثين في المؤتمر يرون أن أزمة 2008 هي أول الأزمات الاقتصادية التي كانت ذروة النفط سببا لها.
من المتحدثين في المؤتمر كذلك كان ماثيو سيمينز الذي اهتم بالموضوع من منطلق كونه صاحب بنك استثماري في المجال النفطي و هو صاحب الكتاب الشهير الغروب في الصحراء twilight in the desert الذي صدر في 2005 و قال في كلمته ان الأمور منذ صدور كتابه و حتى الآن قد صارت أسوأ مع الأسف. كما تواجد روبرت هيرش صاحب تقرير هيرش الشهير الذي قدمه لحكومة الولايات المتحدة و ذكر فيه انه لابد ان نبدأ للأعداد لهذه الظاهرة 20 سنة على الأقل قبل سنة الذروة حتى يتسنى لنا فترة انتقالية بدون مشاكل. و قال أن الظاهرة ستكون حادة و تؤدي الى كسادات اقتصادية و هلع في البورصات العالمية و انه ليس هناك حلول سهلة فنحن لا نستطيع أن نطبع النفط كما هو سهل طباعة النقود . ألتعبير الذي استخدمه متحدث آخر هو " ان هذه الظاهرة الكبيرة ستحدث و سوف توقظ الناس " و آخر قال " ان هذه الظاهرة بحد ذاتها ستكون هي اهم شئ يشكل المستقبل ".
الملفت للانتباه ان المهتمين بذروة النفط و تبعاتها كانوا من تخصصات مختلفة حيث ان النفط كطاقة اساسية يمس جميع أوجه الحياة بلا استثناء. و ابرز المتحدثين المشهورين الذين يعكسون هذه الحقيقة هو ريتشارد هانيدبيرغ حيث أن تخصصه الأساسي هو العزف على الكمان و مع ذلك علم نفسه و اهتم بالموضوع و ألف أربعة كتب في هذا الموضوع اثنان منها مترجمة الى العربية منها كتاب ( الحفلة انتهت ). يقول هايندبرغ ان ذروة التصدير النفطي بلغناها في 2005 و اننا الآن وصلنا الى نهاية اساسية للنمو و هي ذروة النفط و ندخل الآن الى عهد اقتصادي جديد. و بالفعل اكثر من متحدث آخر قد اقروا علميا أن الناتج القومي للدول يتناسب طرديا مع حجم الانتاج النفطي.
و كاستنتاجات من المؤتمر: فإن أقل سعر مناسب حاليا للبرميل هو 100 دولار حتى يكون من المثمر الأستثمار في آبار النفط الصعبة كآبار النفط العميقة في آعالي البحار مثلا. و كذلك فإنه من المتوقع ان سعر النفط سيأخذ في التزايد ببطء حتى يصل الي سقف يشكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد مسببا جولة جديدة من الكساد المرتبط بالذروة و هكذا في تموج لا يستطيع احد ان يتنبأ بحجمه طولا أو عرضا. لابد أن يغير الناس من اسلوب حياتهم من حيث استخدام الطاقات البديلة و استخدام نموذج اقتصادي مختلف و حياة بشكل عام جديدة تتوافق مع حياة ما بعد الذروة لأنه باختصار اذا اراد الناس الاستمرار بهذا البذخ و الترف المعيشي فإن النفط المنتج في عام 2050 سوف يكون كافيا فقط لثلاثة بلايين نسمة.
في النهاية على أن اقول أن جمعية دراسة ذروة النفط تقوم بدور فعال في تنبيه الناس و حثهم على الاستعداد الفعلى لعالم جديد و لابد أن يكون لنا دور أكثر فاعلية في العالم العربي و الخليج بشكل خاص في متابعة فعاليات هذه الدراسات و الإلمام بتبعاتها و تخطيط استراتيجية دولنا على اساسها .


بقلم : المهندس أحمد الماجد
ماجستير ادارة أعمال

الأربعاء، 4 نوفمبر 2009



" We are now looking from the top of the peak of mount Hubbert; carrying in our hearts the hope in human energy and having enough wisdom to say adios to fossil energy "

-Ahmad al Majed, ASPO-Kuwait

الاثنين، 2 نوفمبر 2009

الأزمة الاقتصادية و ارتباطها بالنفط - كلاكيت ثاني مرة




مع الحزمات الحكومية العالمية من قروض ميسرة و دعم للبنوك و إنفاق حكومي , ، بدأ الاقتصاد ينبئ عن بوادر انفراج طبيعي متوقع و إن كان متباطئا على استحياء. في مقالات سابقة وضحت مدى الارتباط الوثيق في عصرنا هذا بين النفط و الاقتصاد . إن أي شي تنظر إليه أو تستخدمه من حولك لو تفكرت فيه قليلا تجد جذوره منغرسة عميقا في النفط. بإمكانك بالفعل أن تتخيل حقلا عظيما نزرع فيه كل شئ نستخدمه في عالمنا المادي و قد سقيناه نفطا الى اعماق جذوره. تصور سمكة السلمون على مائدتك و قد اصطادها بحار نرويجي في سفينة يحركها الديزل و شباك مصنعة من البلاستيك البتروكيماوي ترفعها رافعه تدار بكهرباء محرك الوقود ثم تحفظ بثلاجات كهربائية حتى تصل الى مائدتك. فلا يستغربن أحد من ملاحقة أسعار كل شئ لسعر النفط.
لقد تنفس الكثير من الاقتصاديين و المحللين من بوادر التعافي و يرجعون في تفاؤلهم الى تاريخ الأزمات الاقتصادية السابقة التي تبدو من منظور تاريخي كحلقة طبيعية تتموج صعودا و هبوطا كل بضع سنين. لكن أيها السيدات و السادة ؛ الآزمات السابقة ليست كهذه . في الثلاثينات كمثال استطاع روزفلت بإنفاق حكومي على البناء و التعمير أن يخرج من الأزمة و بعد أزمة النفط في السبعينات عندما قرر العرب إغلاق المحبس النفطي استطاع العالم الخروج ببساطة عندما أدرا العرب المحبس إلى الناحية الأخرى. إن سبب التعافي طويل الأمد هو باختصار توفر عامل النمو المستدام و هو الانتاج النفطي النامي المتصاعد. لكن الحذر و أي حذر أقول لكم : في هذه المرة فإن الشئ الأساسي المختلف هو عدم توفر عامل التنامي المستدام ، عدم القدرة على مستوى العالم على رفع سقف الانتاج النفطي، الذي استمر يراوح على 85 مليون برميل للأربع سنوات الفائتة، و بالتالي عدم توفر شرط النمو المستمر المتصاعد الذي يقوم عليه الاقتصاد . ألاقتصادييون يجدون صعوبة حقا في تطبيق نظريات الاقتصاد الاساسية على النفط. أعرف شخصيا استاذا في الاقتصاد كان عندما يطلب منا أمثلة أو يعطينا أمثلة يطلب الينا صراحة عدم ذكر النفط كمثال، ... : " اتركوه فإن له وضعا خاصا " . و مع ذلك يذكرون أن علم الاقتصاد هو علم التوزيع الأمثل للمصادر المحدودة .
الذي ادى الى الأزمة الاقتصادية الراحلة ببطء هذه هو عدم مواكبة الأنتاج النفطي للطلب و هذا العامل لايزال موجودا. إن بنود صرف النفط لا تتجاوز الثلاثة بنود أساسية : 1- النمو 2- المحافظة على الموجود و 3 - انتاج النفط الجديد . فإي بند برأيكم تأثر في الأزمة ؟ : إن كل ما حصل هو أن بوادر الانفراج ناتجة عن انخفاض سعر النفط الناتج اساسا من انهيار الطلب من الازمة الاقتصادية. إن انخفاض الطلب الطبيعي ناتج عن الغاء مشاريع ضخمة و تراجع الناس عن قيادة سياراتهم لغلاء سعر الوقود و هكذا. فكان انخفاض الطلب على حساب بند النمو الاقتصادي و على حساب بند مشاريع النفط الضخمة الغالية و البند الوحيد الذي لم يمس حاليا هو بند المحافظة على الموجود من بنية الحياة.
إلذي أترقبه الآن هو زيادة في اسعار النفط و إن كانت ليست بنفس سرعة الزيادة السابقة قبل الأزمة الاقتصادية . و من ثم وصول السعر الي السقف الذي يؤدي الى عدم قدرة الناس على شراء سلع معينة مؤديا الى الأزمة الاقتصادية الثانية في سياق النفط أي كلاكيت ثاني مرة و أول المعانين من هذا هم العاملين في بند التنمية و النمو أي البند الأول. و لكن علينا تعلم الدرس و آخذ اجرائات تخفف من وقع الأزمة : -
1- تشجيع الطاقة البديلة فعليا سواء من ناحية البحث العلمي أو من ناحية التطبيق على أرض الواقع. و اعلم ان مؤسسة البترول لديها اهتمام في الاستثمار بالطاقة البديلة اتمنى له ان يرقى الي مستويات عالية.
2- كذلك أدعوا الدول المنتجة و على رأسها أوبك ان تضغط من أجل ازالة التأثير السيئ للمضاربين على اسعار النفط فالمضاربون يرفعون السعر أكثر مما يجب أن يرتفع و يعجلون في الأزمة . لا بد أن يسعر النفط من قبل الحكومات بالتعاون مع البنك الدولي و ليس من قبل فلان وعلان في البورصة العالمية فالنفط سلعة الحياة و ليس تفاحا أو برتقالا.
3- الاهتمام بالدراسات المستفيضة في ذروة النفط ، فمثلا هناك مؤتمر عالمي تاسع في دنفر هذا الشهر من تنظيم جمعية دراسة ذروة النفط ASPO عسى الله يقدرنا و نحضر هذه السنة .
كما سبق لي أن حذرت من الأزمة أول مرة في أول مقال انشره كذلك أتمنى ان نستطيع تجنب الأزمة القادمة لو عملنا جميعا على مستوى عالمي من أجل تخفيف آثارها و أو حتى تجنبها ( إنشاء الله !) .

أحمد الماجد
ماجستير ادارة أعمال
عضو مجموعة دراسة ذروة النفط – فرع الكويت
21 سبتمبر 2009

الاثنين، 5 أكتوبر 2009

الوكالة الدولية للطاقة تحذر من النضوب المتسارع للموارد النفطية


يرصد العالم المتقدم المليارات لإيجاد بدائل للنفط و الطاقة بينما تغط دولنا في سبات عميق ، هذا الكم الهائل من الإنفاق العالمي لم يأت نتيجة الخوف من تحكم دول منابع النفط من تدفقه إليها أو غلاء أسعاره. بل هو من أجل تعزيز أمن الطاقة لمرحلة ما بعد النفط و التي قدرها العلماء أن تكون بعد 60 عاما.
ففي الثالث من أغسطس من هذا العام ، حذرت صحيفة الإندبندنت البريطانية بأن العالم يتجه الى كارثة اقتصادية نتيجة النضوب المتسارع للموارد النفطية و أن هذا النضوب سيتسبب بأزمة عالمية اقتصادية لا تحمد عقباها.
و في مقابلة مع اللإندبندنت ، صرح د. بيرول ، رئيس الوكالة الدولية للطاقة ، أن الكثير من الحكومات والمؤسسات تبدو غافلة عن حقيقه أن النفط الذي تعتمد عليه الحضارة المدنية الحالية آخذ بالنضوب أسرع من المتوقع. وفي أول تقييم لأكثر من 800 بئر نفط في العالم يمثلون ثلاثة أرباع الإحتياط العالمي وجد أن إنتاجية أكبر الحقول العالمية بدأت بالتراجع بعد أن وصل الى قمة الإنتاج.
و أضاف د. بيرول ، في يوم من الأيام سينتهي النفط ، قد لا يكون اليوم أو غدا ، سينتهي النفط و يغادرنا ، فيتوجب علينا أن نغادره قبل أن يغادرنا و أن نستعد لمثل ذلك اليوم. و كلما بدأنا بشكل أسرع كان ذلك أفضل ، لأن نظامنا الإقتصادي و الاجتماعي قائم على النفط ، و لإحداث النقلة النوعية في فك الإرتباط عن النفط يتوجب علينا انفاق الوقت و الأموال و أخذ الموضوع بجدية أكثر.
كل هذه المخاوف ترجمتها سياسات الدول العظمى إلى خطة عمل تتمثل في دعم صناعة التكنولوجيا اللا نفطية من صناعة السيارات الكهربائية و التي ستصبح في الخمس السنوات المقبلة واسعة الإنتشار الى صناعات الوقود اللا نفطي و المستخرج من مصادر لا نفطية.
هذا ما يجب أن نعيه نحن كدولة و شعب نعتمد اعتمادا كليا على النفط لنعيش و أن ندرك مدى الخطر الذي سيهدد أمننا الإجتماعي و الإقتصادي اذا ما غادرنا النفط قبل أن نغادره.
فنحن كدولة صنفت من أفقر الدول احتياطا للمياه العذبة بحاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات بعيدة المدى لضمان وفرة الماء و الغذاء لأجيالنا القادمة في أقرب وقت ممكن و ذلك عن طريق دعم و إنشاء مشاريع الطاقة المتجدده و امتلاك و صناعة الطاقة الا نفطية لإنتاج الكهرباء و المياه و مراجعة فكرة مد مياه شط العرب إلى داخل الحدود الكويتية لتوفير مياه الري على الأقل.
علاوة على ذلك ، يتوجب علينا كدولة أن نعلم أبنائنا نهج الإنتاج بدلا من منهجية الإستهلاك و الهدر المبالغ فيهما و ذلك باتباع و وضع سياسة تربوية عامة للدولة و سن اللوائح و القوانين لتحفيز روح الإنتاجية و إلغاء كافة القوانين اللتي تساعد على تقاعس الفرد و المجتمع لتأهيل جيل منتج قادر على أن يحقق ما حققه الآباء و الأجداد لتبقى الكويت عاليا كما تعودنا دائما.

م.أحمد جاسم التركيت
عضو رابطة دراسات ذروة النفط – الكويت

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

ذروة النفط بين التصريح و التلميح


من الطبيعي أن يكون للمواضيع الحساسة نصيبها من المراعاة عند الحديث عنها و ذلك بحسب طبيعة الشخص المتحدث عنها و بحسب أهدافه ومدى تأثير تصريحاته.
في الشهر الماضي و أثناء زيارته للمنطقة ، صرح الرئيس جورج بوش ببعض التصريحات التلميحية في نفس هذا السياق. فقال مثلا : " إذا لم يكن لديهم المزيد من النفط لضخه في السوق فإنه من الصعب الطلب من احد أن يقوم بما قد لا يستطيع فعله " . و في تصريح آخر :" أتمنى أن أوبك ، لو كان ممكنا ، أن يتفهمواأنه لو كان بإمكانهم ضخ المزيد من النفط لتزويد السوق فإن هذا سيساعد كثيرا . و لكن الكثير من هذه الأقتصاديات باتجاه ...- الكثير من هذه الدول المنتجة للنفط في أقصى سعتها" . و كذلك تصريحا ثالثا له من نفس الفترة :" ليس هناك من قدرة اضافية excess capacity في السوق . ما يحدث هو أن الطلب على الطاقة قد فاق العرض و لهذا فإن الأسعار مرتفعة " . من الواضح أن مثل هذه التصريحا ت تأخذ الطابع التلميحي نوعا ما و إن كان لم يعد في الوسع المبالغة في مستوى التلميح خاصة مع الزيادة المتسارعة في الأسعار. نعم إنه في الماضي القريب لربما كان التلميح أسهل بكثير و يأخذ طابعا أكثر تورية من التصريحات الحالية. و كما أن التصريحات تلمح فكذلك الأفعال . و أقصد بذلك ما تأخذ بفعله كبرى شركات النفط من الأندماج لكسب ما لدي الجميع من مكامن في سلة واحدة. و كذلك ما تفعله بعض الشركات من رفع مستوى مسئوليتها تجاه المجتمع الى حد توعية الناس بشكل شبه مباشر و إن كان نوعا ما تفاؤليا . يعجبني في هذا المجال ما تمارسه شركة شيفرون من حملة توعية في جميع الدول التي تعمل بها. و لعلكم تتذكرون بعض اعلاناتها الكبيرة التي تأخذ صفحة كاملة في الصحف المحلية . في أحد اعلاناتها تبدأ بعنوان كبير كافتتاحية قائلة : " لقد استغرقنا 125 سنة لنستهلك أول تريليون برميل من النفط لكننا سوف نستهلك النصف الثاني في 30 عاما" ثم التعقيب بخط أصغر " لماذا يجب أن يهمك هذا الأمر ؟ " شادا للأنتباه للمقال الأعلاني التوعوي ثم يذيل هذا بعنوانهم على الشبكة المعلوماتية
www.willyoujoinus.com أي هلا انضممت إلينا . و الذاهب إلى هذا العنوان على الشبكة يجد أول ما يجد : عدادا يوضح كمية النفط المستهلكة أثناء قرائته للصفحة . و الصفحة عبارة عن حث على مشاركة الجميع في تحدي الطاقة القادم . و مثل شيفرون نجد شركات أخرى تضع أعلانات توعية مشابهة تختلف في مستواها التفاؤلي. فشركة بي بي مثلا لمحت عن طريق تغيير معنى حروف الشركة من British Petroleum إلى Beyond Petroleumأي ما بعد النفط. و شركة شل وضعت صورة لطفل يرسم معادلات و خطوط و رسوم على سبورة معلقة عليها بقولها أن قدرة الأبداع البشري سوف تتمكن من العثور على الحلول.
على الجانب الآخر من المسطرة نجد أن تصريحات العلماء و المفكرين المستقلين تبدو أكثر حدة و أكثر تصريحا بالحقائق و كذلك أقل تفاؤلا بشكل عام . شخصيات كأمثال كولن كامبل و ماثيو سيمنز و دافاير و بختياري و غيرهم من مجتمع جمعية دراسة ذروة النفط. و لعل هذا المستوى من التصريح نابع كردة فعل من مستوى غفلة المجتمعات عن الموضوع خاصة في بدايات تأسيس الجمعية و استمر هذا كثقافة مميزة.
على أية حال أظن أن الجميع سيلتقي في منتصف المسطرة و لا شك أنه من المثير للفضول مراقبة هذا التطور في التصريحات كلما اقترب الوضع العالمي أكثر و أكثر من نقطة القمة أو الذروة. و ما طار بئر و ارتفع الا كما طار وقع. و هذه حقيقة علمية و ليست جملة هزلية.

أحمد الماجد
ماجستير ادارة أعمال
ahmad.almajed@gmail.com